الثلاثاء، 12 يناير 2010

القسمة والنصيب

ظهر مؤخراً على الشاشات العربية افتتاح كبير لحدث هام وفعالية ضخمة وكان ذلك واضحاً في الإفتتاح الكبير والاضواء الباهرة والحضور الواسع والموسيقى المجلجلة توقفت متابعاً للحدث الهام

الافتتاح كان لحدث ضخم من حيث التكلفة والإنتاج والفكرة ، يندرج ضمن ما يعرف في البرامج الإوروبية بتلفزيون الواقع ، بدأ الحفل بإغنية استعراضية استمدت من التراث وتحولت وتبدلت الى ان خرجت على النحو الذي ظهرت عليه .. وليس هذا حديثنا .. اعقب ذلك دخول لجنة الحكام التي ستراقب المشاركين في مسابقة البرنامج التلفزيوني بعد ذلك بدأ التعريف عن فكرة البرنامج والذي وضع تحت عنوان تألفه الآذان .. فقد اطلق على البرنامج اسم قسمة ونصيب الى هنا وكل شيء لا بأس به .. تلى ذلك عرض تقارير عن المشاركين في البرنامج والذين اتوا من مختلف الدول العربية وبدأ التعرف على المشاركين الذكور مع امهاتهم والذين حضروا للبرنامج من اجل البحث عن زوجات يرضينهم ويرضين امهاتهم ومن ثم تم التعرف بالفتيات اللاتي حضرن للمشاركة واللاتي يفترض ان يرضى عنهن الشباب ويرضين ايضاً الأمهات ، والمفارقة هنا ان طباع الرجال او الشباب حين عرّفوا بأنفسهم ان تباينوا بين شرقي الطباع بنظرة جامدة لا تعرف من الطبع الشرقي سوى الأمر والنهي وآخر شغوف لعوب بالنساء قال انه لا يستطيع ان يظل اسابيع دون نساء ، وآخر وصفته امه امام الجميع انه زير نساء لا يدع امرأة ولا فتاة إلا حاول ان يقتنصها

هؤلاء الفرسان وصفوا انفسهم بكل فخر بتلك الطباع وليس ذلك بالغريب فقد اصبحنا في زمن يُتفاخر به بكل ما هو مشين ومعيب ، لكن العجيب هو كيف اقتنعت الأمهات بالمشاركة في هذه الفكرة الخارجة عن العقل والخُلق والطبع السوي بل والأغرب من كل ذلك الفتيات المتعلمات والمثقفات واللاتي جميعهن من خريجات الجامعات ويعملن في وظائف جيدة ، فتاة في ريعان الشباب متعلمة وموظفة تترك عملها واسرتها وتغادر بلدها وتذهب الى ابعد مكان لتقوم بعرض كل ما تمتلكه من مواهب سوأ في التمثيل او التصنع او اي شي يمكنها كي ترضي شاب وامه ليجد فيها شيئا ما يجعلها صالحة لأن تكون زوجة .

وليت القرار فعلاً بيد الزوج او الرجل الشرقي الحر .. بل إنه مرتبط بالمصوتين والمتابعين ولجنة التحكيم والإنتاج و ... و .. الخ

لست ادري اهناك لوم القي به على احد ممن اشتركوا في قسمة ونصيب ، فالقائمون على البرنامج سبق وان استثمروا في برامج مشابهة تم نسخها بأمانة من تلفزيونات اروروبا وصاحب المصلحة يغلق اذنة عن كل نقد ، ام ان اللائمة تلقى على شباب تركوا فتيات بلدانهم وصاحبات عاداتهم وطباعهم وثقافاتهم وجاءوا الى البرنامج باحثين عن نساء جئن من كوكب آخر ، ام ان الكلام موجه للأمهات اللاتي علمن بأبنأهن ففاخرن بهم على مشهد من العالم بانهم بلغوا من الفحولة ما جعلهم يتسعوا في نطاق البحث الى ان تجاوزوا حدود بلدانهم خاصة وان البعض منهم كما قال يتمنى ان يرجع الى بلده بكل النساء اللاتي توجدن في الحفل .. فاحضر معه تلك المرأة المغلوب على امرها موهماً إياها انه لا يبغي سوى راضاها فانجرت خلفه بكل سذاجة ..

ام نتحير في امر تلك الفتيات اللاتي ضقن درعاً بعزوف الشباب عن طرق ابوابهن رغم حسنهن وعلمهن وانخراطهن في المجتمع فرأين ان يعرضن انفسهن كسلعة على واجهة محل لعل احد يرغب في اقتناء واحدة منهن ..

ام نتأسف على كل السنين والجهود التي ذهبت سدى والنساء يقدمن كل رخيص وغالي من اجل الوصول الى حرية المرأة .. فتأتي هؤلاء الفتيات بكل بساطة ويعدن بحال المرأة الى سوق النخاسة في قالبها الحديث والمزري الرث الهيئة المشوه الأسلوب .. وهناك الكثير من الأمثلة لفتاة امضت جل عمرها في التعليم وانفق ذويها ما يملكون من اجل دراستها .. ومن ثم مشوار البحث عن الوظيفة وتعلم اساليب العيش الراقي كي تتوج كل ذلك بقدوم فارس يمتطي صهوة جواد ابيض يحملها معه الى ارض الأحلام فيما يختاره لها القسمة والنصيب .. لكن هؤلاء الفتيات لم يدركن معنى القسمة والنصيب فانجذبن نحو اضواء الإعلام والشهرة كالفراشة الغبية متناسيات ما يسمى بالكرامة او العزة ، ليعرضن انفسهم كأرخص سلعة امام انضار المصوتين ولجنة التحكيم كي يثبتن لبقية النساء ان المرأة وصلت اخيراً الى حريتها المنشودة التي طالماً ضحت من اجلها فيجدن انفسهم تحت خيمة قسمة ونصيب وقد جردن من ثوب الحياء والبسن رداء الدعاية والإعلان يتعرضن في كل لحظة لرحمة لجنة التحكيم والمشاهدين الذين قد يطردونهن في اي يوم ، فلا هن عدن بفارس الأحلام ولاهن احتفظن بماء وجههن ولا هن وصلن لحريتهن التي جئن من اقاصي الأرض حالمات بالعودة بزوج بعد ان ضحين بكل شيء

الأمر اعجب من ان ندخل في تفصيلات ودقائق و شروط والتزامات وتبعات وعقوبات

لكن ترى هل القسمة والنصيب التي عرفناها في مامضى والآن يحاولون تعريفها بهذا البيع والشراء برسائل المصوتين ، هل ترى هذا المعنى سيتطور في السنين القادمة

عداد